-1- نزل " أشعب " عند رجل ، فقدّم له أرغفة ، و ذهب ليحضر له لحما ، فحمله و جاء به ، فوجد أنّه أكل الخبز ، فذهب و أتى بخبز ، فوجده قد أكل اللّحم ، ففعل معه ذلك عدّة مرّات ، فسأله الرّجـل : أين مقصدك ؟ فقال : إلى الشام . فقال : و لماذا ؟ فقال أشعب : بلغنــي أنّ بها طبيبا حاذقا لعله يصلح لي معدتي ، فإني قليل الشهّيّة . فقال الرجل : و لكن لي إليك حاجة . فقال أشعب : وما هي ؟ قال : إذا كنت في عودتك بعد إصلاح معدتك فلا تجعل طريقك من هنـــــــــا . ((( 2 ))) اصطحب أسد و ثعلب و ضبع ، فخرجت ذات يوم ، فصادت حمارا ، و ظبيا و أرنبا . فقال الأسد للضبع : اقسم بيننا ؛ فقال : الأمـر هيّن : الحمار لك ، و الظبي لي و الأرنب للثعلب . فضربه الأسد ضربة قضت عليه ثم أتى إلى الثعلب و قال له : إنّ هذا الخائن لم يحسن القسمة ، فاقسم أنت فقال : يا أبا الحارث ، الأمر بيّن : خذ الحمار لغدائك ، و ابق الظبي لعشائك ، و كل الأرنب فيما بين ذلك . فقال الأسد : أصبت و أحسنت و ما أجل الذين أصابوا و أحسنوا ! من علمك هذا ؟ فقال : تعلمته بموت هذا الخائن ، و العاقل من اتّعظ بغيــره (((3))) رأى غــراب نسرا عظيما ، و قد انقضّ على حمل صغيــر من الغنـــم و اختطفه و طار به ، فأراد الغراب أن يقلّده فيما فعل ، فطار و ارتفع ، ثم نزل مسرعا على كبش قد عظم صوفه و طال ، فعلق به أظافره ، ثم حاول الصّعود فلم يقدر ، فأراد الفرار فلم يستطع ؛ لبث هناك حتى عثر عليه الراعي فأذاقه سوء العذاب ، و كانت الحادثة خير عبرة لمن لم يحسن التقليد . و لقد صدق من قال : يا باري القوس بريا لست تُحْكِمُه**لا تظلم القوس أعط القوس باريها ((( 4 ))) يروى أنّ أسدا مرض فعادته الوحوش إلاّ ثعلبا ، فوشى به الذّئب عند الأسـد ، فقال له الأسـد : إذا جاء فأخبرنـي ؛ و كان بحضـرتهما أرنب ؛ فمضى مسرعا و أخبر الثّعلب بما جرى ، فلم يجد حيلة إلا صيْد فريسة يقدّمها إلى الأسـد في خلوته ، فلمّا دخل عليه قال له الأسـد: ويلك . مرضتُ ، فقيل لي : لم يتخلّف عن عيادتك إلاّ الثّعلب ؛ فقال الثّعلب : أيّها الملك المطاع أمره لقد تخلّفت لأستشيـر الأطباء في مرضك ؛ فأشاروا بألاّ تأكل إلاّ ديكـا و تستخرج مرّارته و تمزجها بدم من ساق ذئب ، و تدّهن بها ، فإنّك تشفى بمشيئة الله ؛ و قد أحضرت الّديـك . تناول الأسد الدّيك و استخرج مرّارته و أكله . فوجد من نفسه نشاطا فصدّق الثعلب ، و لمّا حضر الذئب قبض عليه الأسد و قطع رجلا منه و مزج مرّارة الدّيك بدمه و ادّهن بها . فخرج الذئب يقطر دما و رجله ترجف ؛ فقال له الثّعلب : يا صاحب الخف الأحمر ! إذا حضرت المجالس فاحفظ لسانك ، و اترك الوشاية فإنّك تنجو من الضّــرر و تسلم من الخطــر . (( 5 ))) زعموا أنّ تاجرا أراد الخروج إلى بعض النّواحي ابتغاء الرّزق ، و كان عنده مائة رطل حديدا ، فأودعها أحد جيرانه حفظا لها من التلف ، و ذهب في سبيله . ثم قدم بعد ذلك بمدّة ، و التمس الحديد ، فقال له : قد أكلته الجرذان . فقال : قد سمعت أن لا شيء أقطع من أنيابها . ففرح الرجل بتصديقه على ما قال و ادّعى ،ثم خرج التّاجر ، فلقي ابن الرّجل ، فأخذه و ذهب به إلى منزله لتأديب أبيه . و في الغد مرّ به الرّجل فسأله عن ابنه فقال له : إنّي لمّا خرجت من عندك بالأمس ، رأيت بازيا قد اختطف صبيّا و لعلّه ابنك ، فلطم الرّجل رأسه و قال : يا قوم هل سمعتم أو رأيتم أنّ البزاة تخطف الصّبيان ؟! فقال : نعم . إنّ أرضا تأكل جرذانُها الحديد ليس بعجب أن تخطف بُزاتها الفيلة فقال له الرّجل : أنا أكلت حديـدك ، و هذا ثمنـه فاردد عليّ ابني . ((( 6 ))) كان بعض الملوك كثير الشّحم ، فجمع الحكماء و قال لهم : دبّروا لي حيلة ، فتخفّفوا عنّي قليلا ، فما أفادوه بشيء فجاءه منجّم متطبّب ، فقال له الملك : هل لك أن تعالجني حتّى تزيل علّتي ؛ فقال : أمهلني حتّى يجيء الليل فأنظر في طالعك لأرى أيّ دواء يوافقك ، فقال الملك : إذن أغنيك ! و في الصباح قال له : رأيت طالعك يدلّ على أنّك لن تعيش أكثر من شهر واحد ، فاغتاظ الملك ، و أمر بسجنه و خلا بنفسه مغتمّا ، مؤمنا بأنّ الموت سيفتك به عن قريب ، فكان كلّما انسلخ يوم ازداد همّا و غمّا حتّى ذاب شحمه . و لمّا مضى الشّهر ، و لم يمت أحضر المنجّم ، و قال له ما رأيك ؟ فقال : أعزّ الله الملك ، ما كنت لأعلم الغيب ، فأتنبأ بأجلك ، و لم أجد وسيلة أخرى غير الغمّ لكي أعالجك بها ، و لم أستطع أن أجلب لك الغمّ إلاّ بهذه الحيلة فأعجب به الملك و أفرج عنه و أغناه . |
المعذره ي غاليةه ينقل للارشيف لانك سبق وطرحتي موضوع القصص هنا https://forums.graaam.com/576932.html وننتظر جديدك |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |