..
12 : 30 Am
سكون الليل يعم المنزل..
أنوار خافته متلألأه كـ حبات اللؤلؤ في أرجاء
غرفتي ..
ورائحة القهوه تنعش الأنفاس
إستلقيت بهدوء على الأريكه الأثيريه ..
أرتشف برفق قهوتي السوداء
وأخرج من مخبأي السري بعضاً من الشوكولاته
لكي لاتصل أليها تطفلات شقيقاتي..
أستلذ بذوبانها المٌترف ..
أسترق النظر للتلفاز تاره
وللقهوه تارة أخرى ..
وعلى حين غفله إنسكب بعضاً منها على أريكتي الحمراء..
فزعت لإزالتها وأنا أتضجر لبلاهتي ..
وأثناء إنغماسي بتنظيف هذه الفوضى
سقطت عيناي على كتاب ( الروح )
لإبن القيم ..
هذا الكتاب غني عن التعريف .. لكن ..
ماذا لو تغلغلت داخل روحي .. روحي أنا فقط
أخرج من روحي لأدخل إليها ..
أسافر في أعماقها ..
بل أعماق أعماقها ..
إستلقيت على أريكتي بكل أريحيه
وأغمضت عيني وبدأت هذه الرحله العجيبه..
هذا التوازن اللذي أبدعه الله..
والتناغم الفريد من نوعه..
(( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ))
شعور بشلالات ومروج خضراء ..
في هذ المكان اللامتناهي ..
وأبعاده في هذا الكون ..
منها مايتصل بالسماء ومنها مايمتد إلى
الأرض ليرسم ملامح الأشخاص والأزمنه والأماكن..
(( الأرواح جنودٌ مجنده ))
وأثناء تجولي في هذا العالم الرهيب..
رأيت في أقاصيه زاويه مفعمه بالحياه
تدعى (( القلب))
نعم إنه قلبي اللذي ينبض بالحياه..
وبخطى متوازنه يشدها الفضول أسرعت الجري لأطرق باب
هذا القلب الصغير اللذي أشبه بكوخ ريفي
على شاطئ نهر ..
فتحت هذا الباب بيد مرتعشه وبارده
دخلت بخطى متردده لأرى ملفات السنين
على أرفف زواياه ..
دهشه..
بل صدمه وجمود ..
من كم الأوراق والذكريات المركونه ..
أغلقت باب قلبي .. وتجولت بداخله..
أياااام وسنين مضت مسجله لحظةً بلحظه
تسمرت عيناي نحو طفولتي ..
جلست على الأرض ورفعت خصلات شعري خلف أذني
وفتحت هذي الاوراق البريئه
رجعت للخلف لتلك الطفله الرقيقه الهااادئه
ووجهها الملائكي وخصلات شعرها على أكتافها
الطفله الحالمه الصغيره .
لكن يوجد شخص أخر ملاصق لهذه الطفله
أخي التوأم ( محمد )
المشاكس صاحب الصوت العالي واللسان الطويل
والشعر الملفلف
ضحكت بشده وأنا أرى أوراق طفولتي مع((محمد))
اللذي لايمر يوماً دون بكائي ودون صراخه
اللذي يستلذ بتكسير ألعابي واحده تلو الأخرى
وكم تشاجرت مع أمي بسببه وبكيت وذهبت راكضه الى أبي كي يردعه ..
كم حملني على ظهره لنلعب لعبة الجمل
وفي نهاية المطاف يتحرك لكي أسقط باكيه ويسقط هو ضاحكاً..
فتحت ورقه أخرى لذكرياتي معه ..
في ذلك اليوم كنت احاول جاهده الوصول للمرآه
لأمشط شعري لكن دون جدوى ..!
وحاول حملي على ظهره لكن بائت محاولاتنا
بالفشل
وفجأه إبتسم وقال بفرح أنظري لعيني
وركزي جيداً
سترين صورتك بـ عيني واضحه
وفعلا هو فتح عينيه وانا فتحت عيني حتى اتضحت الرؤيا في بؤبؤ عينيه
بعد جهد جهيد ومشطت شعري ههههههههه
قال حينها : ***مرآتك هي عيني ..
- حفظك الله يامحمد..
وفتحت اوراق اخرى وكانت تحمل ذكرياتي مع أمينه إبنة عمي
وهي الأخرى على تحدي دائم معي
من تشرب أولا
من تركض اولا
من تلعب اولا
بل قالت ذات مره من منا تستيقظ اولا في الصباح
واذكر حينها قبلت التحدي
وعند سماع آذان الفجر فجأه فتحت عيناي وركضت بقوه
وكدت اضرب بالجدران والأبواب
وعندي وصولي للباب الخارجي وجدتها قد سبقتني وتضحك وشعرها منكوش بشده
كل هذا حصل والمؤذن يقول ....حي عالصلاه حي على الفلاح ..!!!
لكن اذا إستفزتني أهمس بإذن محمد
ويتولى هو تأديبها ويضربها بحركاته البهلوانيه..
- حفظك الله يا أمينه وآسفه على كل شئ..
وفي أحد الأوراق المطويه ..
في ذلك اليوم كنت ألعب بالخارج ورأيت ريالات متساقطه
وركضت لأبي لأخبره ..فقال لي ..
لقد أمطرت السماء البارحه ريالات بدلاً من المطر ..
وفرحت كثيراً ودعوت الله كثيرا أن يبدل أمطارنا ريالات
لكن لم تٌستجب دعوتي حتى الآن هههههههه
**
وفجأه سقطت ورقه ..
نظرت إليها وإمتلئتعيني بالدموع وكانت تحمل في طياتها
إبن الجيران بندر وأخته ساره ..
هذا الطفل الأشعث وملابسه المتسخه وأقدامه الحافيه ..
لكن لايخلو وجهه من الضحك والمرح
وسرقت الحلويات لي أنا ومحمد وأمينه
لنشاركه هذه الوجبه اللذيذه ..
في كل يوم بتمام الرابعه عصراً نحن على موعد معه ومع ساره
نركض ونمرح ونتسابق بالطرقات وضحكاتنا تشق المكان
وذات يوم طرقت الباب ساره دون بندر
وفي عينيها جمود وحقد على بندر
ونحن نتسائل عن بندر وحلوياته
قالت بصوت مخنوق ..
بندر ذهب للسماء ليلة البارحه ..
ونظرنا للسماء ولم نجده ..
قالت لقد سقط بخزان الماء ومات وذهب فوق
وقلت ببرائه لنصرخ حتى يسمعنا ويخرج
وصخرنا جميعاً بإسمه (( بااااندااااارررر))
ولم يخرج تلفتنا بكل الاتجاهات لعله خرج من سماء بعيده ولانراه..
لكن اختفى بندر واختفت حلوياته معه..
- رحمك الله يابندر ..
لملمت اوراق الطفوله وفي عيني دموع لهذه الأيام البريئه..
وإلتفت لكل اتجاهات قلبي وزواياه لأرى
أيام مراهقتي وعنفوان الصبا والتمرد
وذكريات مليئه بالأحداث الجميله ..
وحين هممت بالخروج لفت إنتباهي
ملف أحلامي الورديه لمستقبل أيامي..
فتحته على خجل وقرأت سطوره المكتوبه بإتقان ..
سـ أفعل.....)
سـ أرى .....)
سـ أحب .....)
سـ أشتري......)
سـ أٌنجب .....)
سـ أفتتح .......)
و.و.و.
إحمرت وجنتاي خجلاً من أمنيات وأحلام ورديه أنتظرها إن شاء الله..
لكن سيبقى افضل من يخطط لي حياتي هو الله..!
أغلقت ملف أوراقي الورديه بإحكام وخبأتها
بأعماق قلبي ..
خرجت من هذا القلب الصغير وأحكمت
إغلاقه وأنا أبتسم لكل شي إلا الشعور :
اللذي انتهى وقته !
ㅤ
...>>وعلى طاري حنين الليل مايشبهك شي يااجمل اشياء العمر ..||
فتحت عيني بعد هذه الرحله وأيقنت أن ~~
القلوب النقية ،
إذا أحبّت،
أعطت بسخاء
بنقاء ،
بـشلال من وفاء !
وإذا خُذلت ،
غادرت بكبرياء الصمت ..
وصمت الكبرياء ..!
،؛،؛،؛،